التوظيف الإجباري للأداء

 

                               

يقوم النظام الجبائي التونسي على مبدأ التصريح التلقائي بالدخل أو الربح أو برقم المعاملات الخاضع للأداء. وقد كرس الفصل الثاني من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية بصفة صريحة هذا المبدأ حيث نص على أنه "يستوجب القيام بالواجب الجبائي المبادرة بإيداع التصاريح بصفة تلقائية والقيام بالواجبات الجبائية بصفة تلقائية".

وطبقا لأحكام الفصل 559 من مجلة الإلتزامات والعقود الذي نص على أن "الأصل في الأمور الصحة والمطابقة للقانون حتى يثبت خلافه" فإن التصاريح التلقائية للمطالب بالأداء تتمتع مبدئيا بقرينة الصحة.

إلا أن هذا المبدأ العام الذي يقوم عليه النظام الجبائي التونسي ليس مبدأ مطلقا ذلك أن المشرع التونسي قد أقر محدودية حجية التصاريح التلقائية للمطالبين بالأداء وذلك بما خوّله للإدارة من حق المراقبة اللاحقة لهذه التصاريح التي لا تتجاوز مرتبة القرينة البسيطة. وذلك بمقتضى أحكام الفصل 64 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات التي تنص على أنه "يمكن لأعوان إدارة الجباية أن يراقبوا وأن يراجعوا تصاريح الخاضعين للضريبة بالإعتماد على كل وثيقة رسمية أو حكم أو تصفية شركة أو تركة أو موازنة أو بأية وسيلة إثبات أخرى يسمح بها القانون".

كما كرست مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية حق المراقبة الجبائية على مستوى الفصل الخامس منها والذي ينص على أنه "تراقب مصالح الجباية وتراجع التصاريح والعقود والكتابات والنقل والفواتير والوثائق المستعملة أو المثبتة لضبط الأداءات الخاضعة لأحكام هذه المجلة ودفعها أو المقدمة لغرض الإنتفاع بإمتيازات أو تخفيضات جبائية أو إسترجاع مبالغ زائدة بعنوان هذه الأداءات كما تراقب إحترام المطالب بالأداء لواجباته الجبائية" والفصل السادس منها والذي ينص على أنه "يمكن لمصالح الجباية في نطاق المراقبة أو المراجعة المنصوص عليها بالفصل 5 من هذه المجلة أن تطلب كل الإرشادات والتوضيحات والمبررات المتعلقة بالوضعية الجبائية للمطالب بالأداء. ويحق لها أن تضبط الأداء وتصحح التصاريح بالإستناد إلى القرائن القانونية أو الفعلية المتمثلة خاصة في مقارنات مع معطيات تتعلق بإستغلالات أو مصادر دخل أو عمليات مماثلة".

كما أقر التشريع الجبائي إمكانية التوظيف الإجباري للضريبة في صورة عدم رد المطالب بالأداء على نتائج المراجعة الجبائية في الآجال المحددة لذلك أو في صورة عدم توصّل إلى اتفاق مع المطالب بالأداء يتم بمقتضاه تسوية الخلاف القائم حول التعديلات المزمع إدخالها على وضعيته الجبائية.

وتهدف مداخلتنا هذه إلى تحديد حالات التوظيف الإجباري للأداء (الجزء الأول) والأسس التي تعتمدها الإدارة لتوظيف الأداء (الجزء الثاني) ودور القاضي الجبائي في مراقبة مضمون قرارات التوظيف الإجباري (الجزء الثالث).